العمارة

اتصلت بي أحد الشركات واخبرتني انها موافقة على طلب توظيفي كمحاسب لديها، وفي اليوم التالي جئت الى مقرها الكائن في عمارة على جانب احد شوارع العاصمة الاردنية عمان لمباشرة العمل.

ما لفت انتباهي ان العمارة كبيرة وفيها عشرون شقة مكتبية، ولكن المشغول منها اربعة مكاتب فقط والباقي فارغ تماما، والممرات مهملة تتكدس على ارضيتها اكوام الغبار والاتربة.

بدأت العمل في المكتب الذي مقره في الطابق الاول، وكان معي ثلاثة موظفين مع المدير الذي يمضي اغلب الوقت في الخارج ولا يعود الا لتوقيع الشيكات ومتابعة العمل بشكل غير مباشر.

كانت الامور طبيعية في البداية ولكن بحكم عملي كمحاسب اكتشفت ان الموظفين معينين قبلي بمدة قصيرة، ومن سجلات الرواتب عرفت انه قد استقال من الشركة سبعة موظفين في اقل من سنة، اما على الصعيد الخارجي فقد لفت انتباهي ان مكتبنا والمكاتب الأخرى خالية من الموظفات الاناث!!

كل ذلك لم يثر عندي الفضول، فقد كنت مشغولا باثبات نفسي في العمل الجديد، ولكن مع مرور الوقت عندما كنت اصعد في المصعد الاحظ صعود فتاة معي بملابس اشبه بقميص النوم، وما كان يثير استغرابي انها لا تضغط زر اي طابق ولا تنظر الي ولا تلتفت، وكان اذا فتح باب المصعد وخرجت منه تبقى هي في الداخل وارى بان الارقام في اللوحة تشير الى استمرار المصعد بالصعود نحو الطوابق المهجورة!!!!

الفتاة حنطية البشرة ذات شعر اسود يصل الى الاكتاف، نحيلة البدن، طولها حوالي 158سم ولها رائحة كرائحة التراب.

بعد اسبوع كامل من الدوام عرفت من عجوز يملك احد المطاعم المقابلة للعمارة انها عمارة مسكونة وان الفتاة التي رأيتها هي شبح لفتاة وجدت مقتولة في البيت الذي بنيت العمارة على انقاضه، وكان ذلك في بداية ثمانيات القرن المنصرم، وهذا ما جعل العمارة شبه خالية، ولا يستمر بها احد من الموظفين، وان سيدة توظفت لمدة ساعات ثم خرجت تصرخ مثل المچنونة عندما رأت شبح الفتاة وهي تتجول في الممرات.

فاخبرت العجوز ان شبح الفتاة صعد معي في المصعد عدة مرات ولم يتعرض لي بسوء، فضحك وقال لي: انت لم ټقتل الفتاة حتى يؤذيك شبحها، فاشباح الضحايا تلاحق الجناة فقط، ومن الحماقة ان يخشاها الاخرون، فالاشباح ليست جبانة وليس هناك ما تخاف عليه حتى تترك المسيء وټؤذي البريء.

رغم ان جواب العجوز قد طمأنني ولكنني لم اعد للشركة😅