القاضى العادل
انت في الصفحة 2 من صفحتين
فأحضرت له النقود ووضعتها على المنضدة فاخذها وأراد أن يهرب بها فأمسكت بيده وأحضرته إلى هنا، صمت القاضي ثم قال : اترك النقود هنا واحضرا غذاء جاء دور “بوكاس” والشحاذ الأعرج أمام القاضي فحكى “بوكاس” عما حدث وأنصت إليه القاضي ، الذي طلب من الشحاذ الأعرج أن يدلي بأقواله فقال الشحاذ: هذا ليس بصحيح. كنت في طريقي إلى المدينة ممتطيا جوادی، بينما كان هو جالس على الأرض فطلب مني أن أقوم بتوصيله إلى المدينة فركب معي على ظهر الجواد وأوصلته حيث كان يريد، لكنه رفض أن ينزل عن ظهر الجواد وقال إن هذا جواده، وهذا كڈب.
فكر القاضي وقال لهما : اتركا الجواد هنا واحضرا غذاء في اليوم التالى حضر حشد من الناس للاستماع إلى أحكام القاضي، ولما جاء دور التاجر والشحاذ قال : القاضى للتاجر الذي هو الأمير له إنه جوادك، خذه. أما الشحاذ الأعرج فيضرب بالعصا خمسين مرة.. ولاحظ القاضي وهو في طريقه إلى منزله بعد المحاكمة أن “بوكاس
كان يتتبعه، فنادى القاضي عليه وساله : ماذا بك ؟ ألم ترض بقرارى الذي اتخذته ؟ قال بوكاسة : لا إنتي راض … ولكني أود أن أعرف كيف استطعت أن تجزم بأن المرأة هي زوجة العالم وليست زوجة الفلاح، وأن النقود تخص الجزار وليست نقود بائع الزيت، وأن الجواد جوادي وليس جواد الشحاذ الأعرج ؟
قال القاضي: بالنسبة للمرأة فقد دعوتها في الصباح وطلبت منها أن تسكب الحبر في المحبرة فقامت بتنظيف المحبرة ثم صبت الحبر فيها بسرعة وبحنكة ، فاتضح لى أنها تعودت على أن تفعل هذا الشيء ، وأن هذا العمل ليس بغريب عليها ، فإن كانت هي زوجة الفلاح ما استطاعت أن تقوم بهذه المهمة، وبناء على ذلك يكون العالم على حق، أما بالنسبة للنقود فقد عرفت حقيقتها على النحو الآتي .
الأمس وضعت النقود في كوب من الماء وأمعنت النظر في الماء للتأكد من ظهور زيت على سطح الماء، فإذا كانت هذه النقود تخص بائع الزيت فلابد وأن تكون بها آثار من يد البائع، لكنه لم يظهر على سطح الماء أي أثر للزيت، ولذلك فالجزار على حق فى دعواد، أما موضوع الجواد فكان أكثر صعوبة، فقد تعرف الشحاذ الأعرج كما تعرفت أنت على الجواد من بين العشرين جواذا، فأنا لم أصطحبكما إلى إسطبل الخيل لتتعرفا على الجواد، وإنما على من منكما سيتعرف الجواد عليه، فعندما اقتربت أنت من الجواد حتی تلفت برأسه ومدها نحولك وحينما لمسه الأعرج بيده، تضايق الجواد ورفع رجله عن الأرض، وبذلك عرفت صاحب الجواد الحقيقي، عندئذ قال “بوكاس” للقاضي :
إني لست بتاجر، وإنما أنا الأمير بوكاس وقد جئت إلى هنا لأعرف حقيقة ما يقال عنك وتاكدت بنفسي بانك قاض عادل. فلتطلب ما تشاء وسالبيه لك على الفور، وهنا قال القاضي ؛ إني لست في حاجة إلى عطايا. فأنا سعيد بأن الأمير تحقق من عدالتی وامتدحني ، وهذا شرف عظيم لی..
فضلا وليس أمراً اذكر الله ورسوله